مسلمون بلا إسلام .. فهل نحن مسلمون حقا ؟




إنه حديث شجون تلمؤه مرارة الواقع ويبقى الامل النابع من عظمة الماضي يرسم لنا ملامح المستقبل ولكن يبقى السؤال عالقا
هل نحن مسلمون؟؟ 
 سؤال لطالما يتردد في الأذهان وإن لم تتفوه به الألسن..........
هل نحن مسلمون؟ ربما ـ ودون وعي ـ تسبق الألسن العقول لتردد تلك الكلمات التي تثبت هويتنا الإسلامية، وكأن الإسلام ألفاظ مجردة تتفوه بها الألسن
إن هؤلاء يوم أن ظنوا أن الإسلام ألفاظ وأمان قد جهلوا حقيقة هذا الدين، قد جهلوا تلك الحقيقة التي أضفت على الاجتماع البشري أسلوبا وشكلا جديدا يوم أن تبنى المسلمون مسئولية قيادة دفة الحياة على المعمورة فأخضعوها لمنهجه ....

هل نحن مسلمون؟

سؤال غدت الإجابة عليه ضرورة ملحة، في ظل هذا الوضع المتردي لحال المسلمين في كل أرجاء المعمورة، فما أن ترى قوم فيهم ذلة وهوان واستضعاف إلا وجال في خاطرك ـ دون أن تسأل ـ بالقطع إنهم مسلمون
نراهم في أفغانستان وفي كشمير والشيشان، ومن قبل في كوسوفا، وما أرض الرافدين منا ببعيد، بل وما مسرى رسول الله عن خاطرنا ببعيد.......

هل نحن مسلمون؟؟

سؤال بحاجة إلى تدبر، فالمعجزة الحقيقة للإسلام تجلت يوم أن فطن أنصاره أن الفارق بين الجاهلية والإسلام ليس مجرد الانتساب اللفظي، وإنما الانتماء الحقيقي لدعوته، والالتزام بمنهجه، وما تميز الجيل الأول للدعوة بالأقوال الجوفاء وإنما فاضلتهم الأعمال فتفاضلوا، فمعجزة الإسلام ليست معجزة أقوال، وإلا ما حفظ لها التاريخ ذاك التميز لأكثر من عشرة قرون في قيادة الاجتماع البشري قاطبة، عشرة قرون تخللتها فترات ضعف وهوان إلا أنها لم تتخلخل في معاني الانتماء لهذا الدين

قدم الصليبيون لغزو بلاد المسلمين في إحدى فترات الضعف والهوان فلما أراد المسلمون النصر أيقنوا أنه في الانتماء الفعلي للإسلام، انتماء جعل الحركات الصليبية ذكرة منتنة في التاريخ الإسلامي...

ومن بعدهم التتار، قوم تجردوا من كل صفة إنسانية فما لبثوا أن عادوا إلى بلادهم دعاة إلى الإسلام........

إن هذا الدين يوم أن جاء وطئ أرض قوم على هامش الحضارة بل على هامش الاجتماع البشري قاطبة، قوم أبدعوا في كل سلوك منحرف وفساد عقائدي، فما لبثت أن جاءتهم دعوة الإسلام تقوّم انحرافهم وتردهم إلى رشدهم، فكانوا بحاجة إلى عقدين من الزمان لتصبح مفاهيمه سارية المفعول في سلوكهم وتوجهاتهم، وما أن تشبعت قيمهم بقيم دعوة الإسلام حتى غدا الانتماء للدعوة انتماء أقوال لا أفعال انتماء جعلهم يسيحوا في كل صوب لنشر مبادئ الدين وأسس دعوته، بل لتأدية دورهم الذي قدر لهم، فوطئت خيلهم أرض الروم وأذلت سيوفهم ملوك الفرس وانساحت جيوشهم في مساحات شاسعة من المعمورة حتى وطئت أرض الصين ولامست الشاطئ الأوربي وتوغلت في قلب أفريقيا وطرقت أبواب القسطنطينية، ، وما مضي سوى قرن ونصف حتى غدت الحضارة الإسلامية ولا منازع لها بأقطاب المعمورة من أقصاها إلى أقصاها ............
في حينها كان حق لهم أن ينتسبوا للإسلام، انتساب العمل والمنهج والتطبيق لا القول والأماني والألفاظ الجوفاء

انتساب جعل الصديق يجند الجيوش لتصحيح مسار الجزيرة بعدما ضربت فتنة الردة أطنابها

انتساب جعل الفاروق يطارد بعيرا فر من بيت المال، فلما عاتبه أحد الصحابة بأن يلي هذا الأمر غيره، أجابه بجملته الخالدة (( لو عثرت دابة بضفاف دجلة لخشيتُ أن يسألني الله عنها لِمَ لمْ تُمهِّد لها الطريقَ يا عمر))

انتساب جعل خالد بن الوليد يخاطب قائد الروم بإحدى بلدات الشام قائلا [ من خالد بن الوليد أبي سليمان إلى قائد الروم في بلدة قنسرين، أما بعد: فأين تذهبون منا؟ والذي نفس خالد بيده! لو صعدتم إلى السحب لأصْعَدَنا الله إليكم أو لأمْطَركُم علينا ]

انتساب جعل المغيرة بن شعبة يقف بين يدي قائد الفُرس، فسأله القائد من أنتم؟أجابه قائلا: " نَحْنُ أُنَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ كُنَّا فِي شَقَاءٍ شَدِيدٍ وَبَلاَءٍ شَدِيدٍ، نَمَصُّ الْجِلْدَ وَالنَّوَى مِنَ الْجُوعِ، وَنَلْبَسُ الْوَبَرَ وَالشَّعَرَ، وَنَعْبُدُ الشَّجَرَ وَالْحَجَرَ فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ، إِذْ بَعَثَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأَراَضِينَ تَعَالَى ذِكْرُهُ وَجَلَّتْ عَظَمَتُهُ إِلَيْنَا نَبِيًّا مِنْ أَنْفُسِنَا، نَعْرِفُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ، فَأَمَرَنَا نَبِيُّنَا رَسُولُ رَبِّنَا أَنْ نَقَاتِلَكُمْ حَتَّى تَعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ أَوْ تُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ، وَأَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا عَنْ رِسَالَةِ رَبِّنَا أَنَّهُ مَنْ قُتِلَ مِنَّا صَارَ إِلَى الْجَنَّةِ فِي نَعِيمٍ لَمْ يَرَ مِثْلَهَا قَطُّ، وَمَنْ بَقِىَ مِنَّا مَلَكَ رِقَابَكُمْ (البخاري )

انتساب جعل طارق بن زياد يشق البحر ليخضع أرض أسبانيا للإسلام، ويقاتل ببضعة ألاف جيوش تفوق جيشه عشرة أضعاف أو يزيد ليسطر تاريخا جديدا بأرض أوربا وقد استقبلت ـ رغما عنها ـ نور الإسلام

انتساب جعل عقبة بن نافع يخاطب الأفاعي بغابات إفريقية أن ادخلي في جحورك فإنا جند الله فما ملكت الأفاعي إلا الاختباء

انتساب جعل محمد الفاتح الشاب الذي لم يتعد الثانية والعشرين من عمره يُرفع الأذان بإمرته في سماء القسطنيطينية أحصن مدينة على وجهه المعمورة

هذا هو الانتساب الحقيقي للإسلام، انتساب تعدى الأقوال ليسطر في التاريخ صفحات مشرقة هي أعظم دليل على صدق الانتماء للإسلام، فلم تكن يوما عقيدتهم ألفاظ مجردة وإنما شيء وقر في القلب فصدقه العمل وهذا هو الإيمان الحق

إن الإسلام لم يأت ليمر على حياة من يعتنقه مر الكرام، فلا هو بالرابط، ولا المنظم للسلوك، ولا المُهذب للأخلاق ولا الدافع للرقي والتقدم، وإنما جاء ليبني منهجا متكاملا
جاء ليجعل لحياة البشر سمة ومنهجا
جاء ليقيم العوج الذي ساد في حياتهم، ويردهم إلى رشدهم
جاء لينتقل بحياتهم من الضيق إلى السعة، ومن التخبط إلى الوضوح، ومن الشرك إلى التوحيد

فأين نحن من هذه المعاني والمفاهيم؟؟
أين نحن من الانتساب لهذا الدين؟؟

لقد غدا الواقع يثير في قلوبنا حيرة للمصير الذي آل إليه المسلمون
أهؤلاء هم المسلمون؟؟

لقد غدا الواقع أكثر إيلاما، بعدما غدا التخلف سمة الشعوب المسلمة، ولا أدري حقيقة ألم يعد في هذا الجسد العليل عضو لا تزال به روح الشباب!!
أين العلماء ؟!
أين الدعاة ؟!
وقبل هؤلاء أين القادة ؟!

إن الأزمة الحقيقة التي نالت من جسد هذه الأمة هي فقدان الثقة بالذات، فلم يعد عند الحاكم ولا المحكوم نبض أمل بأن الغد لنا

إن الغد لنا، وقد شهد بهذا التاريخ، ويشهد له الواقع الحالي وهو يسجل إخفاقا الواحد تلو الآخر لكل نظرية وضعية وكل فلسلفة إلحادية، وما نحن فيه من انتكاسات إنما هي الابتلاءات التي تربي جيل ما بعد المحنة

لقد جعل الصليبيون المسجد الأقصى إسطبلا للخيول، وسرعان ما انتفض ذاك الجسد العليل من سباتة ليرد للأمة مجدها من جديد
أما التتار فقد أبادوا كل مظاهر الحياة بعاصمة الخلافة، وسرعان ما أُلقي بالتتار في ذاكرةالتاريخ وبقيت بغداد منبرا للدعوة والثقافة الإسلامية
والامثلة تكاد لا تحصيها وريقات...

أما الصحوة التي ننشدها لا تقتضي صلاح كل الأمة، بل تقتضي صلاح القادة فيها، فصلاح القادة دليل على صلاح الرعية....
لما أرسل سعد بن أبي وقاص غنائم العراق إلى عمر بن الخطاب في المدينة هال عمر ما رأى من الغنائم فقال " إن جيشاً أدّى هذا لذو أمانة".
فأجابه علي "عففت فعفّت الرعية، ولو رتعت لرتعوا".
هكذا دور القدوة في المجتمع كله، فصلاح الحاكم والعالم والداعية يصلح الله به جمعا غفيرا من أبناء الأمة....

ويبقى أمر هام

هل يجب علينا الانتظار ليأتي هذا القائد الملهم الذي يخرج طاقات هذه الأمة؟
هل يجب علينا أن نظل في سباتنا إلى أن يأتي من يطرق علينا الباب ليوقظنا؟

ما أظن أن هذا من شيم الرجال فضلا عن شيم المسلمين

إن الأمل يطرق الآن كل بابٍ مسلم في ظل هذه الصحوة الشابة التي طرقت كل بلدٍ مسلم

أمل ولدته تلك الإرادةالأبية التي رفضت الخنوع في كل قطر دنسته شعارات الديمقراطية الغربية

أمل غدا كالبركان الثائر في كل نفس مؤمنة رغبة في الدفاع عن العقيدة التي تؤمن بها

إن هذا الأمل يقتضي منا ألا نرضى بالانتظار سبيلا
أن نصنع الواقع لا نتماشى في ظله
أن نخطو خطى حثيثة نحو تغيير الواقع لا ننتظر التغيير يُساق إلينا لنسير في ركابه
فمن سنن الله في الكون أن تغيير الأنفس يجب أن يكون نابعا من داخلها
أن تملك الرغبة الحقيقة في التغيير وفي حينها يهيئ الله لها سبل التغيير

وبين ركام الأحداث، وبين هذا الصراع الغير متكافئ بين الواقع وطموحاتنا وتطلعاتنا للغد ، لا يحسن بنا أن نقتصر على دور المراقب للأحداث لا الصانع لها، ولا يحسن بنا ـ إن لم نكن نواة التغيير وأداته الفاعلة ـ أن نكون وسيلة لهدم بنيانه وزعزعة مسيرته

إنهما طريقان لا ثالث لهما
إما أن نخطو للأمام غير آبهين بحجم المتاعب التي تنتظر مسيرتنا
أو أن نركن إلى دنيانا الفانية لنحيا فيها حياة الأنعام، بل إنها أضل من حياة الأنعام حينما لا نحسن سوى البكاء على الأطلال وندب الحظوظ وبكلاهما ننتظر تغيير واقعنا

وكأني بك الآن تشعر بأن كلماتي قد خطت خطوات بعيدة عن هموم واقعنا
كلا

إنما هي مشاعر غاضبة تحاول تغيير واقع مؤلم لصنع أمل مشرق

وقبل أن أطوي وريقاتي جانبا أسرد عليك قصة رمزية علها أن ترسم منحى عام لما أردت قوله في كلماتي هذه

أتعلم أن شجرة الصنوبر تحتاج إلى ثلاثين عاما حتى تثمر، وفي الوقت نفسه تنمو بجوارها شجرة القرع التي تثمر بعد شهر واحد، فإذ بحوار ساخر يدور بين كلتيهما
تقول شجرة القرع ساخرة: إن الطريق الذي تقطعيه في ثلاثين عاما كي تثمري أقطعه في شهر واحد ويقال لي شجرة ولك شجرة.....................
فتجيب شجرة الصنوبر واثقة: مهلاً إلى أن تهب رياح الخريف، وعندها يعرف المضمار، ويعرف السابق والخوار......

وها أن ذا أقولها لك، مهلا إلى أن ترى جيل ما بعد المحنة، فإنه أصدق لسانا وأخلص إيمانا
جيل هذبته المحن وربته الابتلاءات فغدا أصلب عودا وأشد تماسكا
نراه الآن في غزة وفي كشمير وفي كل بلد قد اكتوى بظلم الاحتلال
فإياك ثم إياك أن يصنع منك الواقع الأليم شخصية انهزامية، بل ..........عش بالأمل

أمل يعيد إلينا كرامة الماضي وتطلعات المستقبل

أسامة عبد العظيم

وهذا كتاب مميز نرشحه لك

اضغط هنا لتحميل الكتاب
تعليقات فيس بوك
0 تعليقات جوجل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تواصل معنا !

للتواصل أو الإستفسار معنا يرجى مراسلتنا من خلال نموذج المراسلة أسفله !


مكتبة تجديد هي مكتبة مجانية وكل ما عليها هي كتب متاحة للنشر

صاحب الموقع شاب عربي يأمل في أن يقدم لك يد العون قدر استطاعته

انضم لصفحتنا

جميع الحقوق محفوضة لـ مكتبة تجديد للكتب
نسعد بتواصلك : ussamaelmasry@gmail.com