حدد أهدافك ولا تيأس تتجدد لك الحياة


كأني بك وقد أسرتك الهموم وأثقلت على كاهلك أعباء الحياة ومشاق العيش
وكأني بك وقد تغيرت بك الأحوال مع الأيام، وتبدل الحال من حال إلى حال
وكأني بك وقد غدا الغد حلم غامض، بعدما طوى الماضي صفحاته بكل ما يحمل من ذكريات وآلام..وكأني وكأني ...............
ولكن لماذا هذا القدر من الهموم والآلام؟
فمن جعل أيامه ذكريات وآلام عاش عمره في سجن قبيح لا أسوار له
سجن غابت عن جوانبه تلك الإشارات التي تدل على نور الحياة، فغدا كل يوم وقد ازداد قبحا على قبحه!!!
إذا ضاقت بك السبل فلا تيأس فما جعل الله على مؤمن عسرين أبدا [فَإِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا]
وإذا كادت الابتلاءات أن تهزمك فلا تيأس فما المحن إلا بوابة المنح وما الابتلاءات إلا بوابة الفرج
وإذا أجهدتك المصاعب فلا تيأس وأصنع منها أملا جديدا فإن النحل يجني العسل من شجرة الحنظل
وإذا آلمتك الخطى نحو هدف تنشده فلا تيأس فإنك تضحي بجزء من وقتك ومجهودك وغيرك ضحي بنفسه وماله من أجل هدف ينشده
وإذا فارقك عزيز وتنكرت لك الحياة بعده فلا تيأس فقد مات من هو خير منه، واستمرت الحياة بعده، لقد مات النبي  وبقيت رسالته حية بمنهجه
فأبق ذكر من مات لك بصدقة تصنعها له أو حتى بذكر حسن
وإذا تخلى عنك صديق فلا تيأس فما الحياة إلا مصفاة للأصدقاء لا يستمر معك إلا من أخلص لك
وتذكر: لا تكن كقمة الجبل ترى الناس صغاراً ويراها الناس صغيرة
وإذا ألقاك الناس بالحجارة فاصنع منها سلما ترتقي به
وإذا أحاطوك بالنقد فاعلم أنك على الطريق الصحيح وإن كان فيه بعض الهنات، فما تحديقهم فيك إلا لأنك في تقدم
وتذكر : لا تبصق في بئر قد تحتاج إلى جرعة ماء منه
 
من تكن العلياء همة نفسه فكل الذي يلقاه فيها محبب
أتدري: لو أن الحياة تتوقف بالابتلاءات لماتت دعوة الإسلام في مهدها، حينما ظل النبي  يدعو قومه بمكة قرابة ثلاثة عشر عاما ولم يستجب له إلا قلة قليلة
ولو أن الحياة تتوقف بموت عزيز لتوقفت حياة النبي  بعد موت زوجه وعمه اللذان كانا يناصرانه ويؤازرانه ضد سفهاء قومه
ولو أن الحياة تتوقف بمصاعب الحياة ومشاق تحقيق الأهداف لتوقفت حياة النبي  يوم الأحزاب حينما بلغت القلوب الحناجر وهامت العقول في الظنون وتبدلت الأرض غير الأرض، وكادت شمس الإسلام أن تغيب، ففي أحلك ساعات الشدة وبعدما خان بنو قريظة عهدهم وأسلموا المدينة لمن جاءوا يغيرون عليها وقف النبي  بين أصحابه وصاح قائلا: الله اكبر أبشروا يا معشر المسلمين بالنصر
وقبلها حينما كانوا يحفرون الخندق ليستتروا خلفه وبينما هم في جهد وكرب وبلاء قد لا يماثله بلاء وهم يرون الموت قادم إليهم من كل صوب وقف النبي يبشرهم بكنوز كسرى وقيصر!!!
ولم تمض سوى سنوات عشر على هذا الوعد حتى قدمت كنوز كسرى وقيصر لتنفق في سبيل الله
نعم، الحياة أمل، وما فقد ذاك الأمل إلا من اعتاد الحياة بين الحفر

ومن يتهيب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر
اصنع لنفسك أمل جديد، أمل لا ينقطع ما دام بالعمر بقية، واجعل حياة النبي  المثل الحي لهذا الأمل......... جهر بدعوته فاتهموه بالسفه الجنون، طاف على القبائل يطلب نصرتهم فخذلوه وغدو معه بين طامع وساخر، ذهب إلى الطائف سيرا على الأقدام فأخرجوه منها دامي القلب والقدمين، خرج من مكة مطاردا وعشرات السيوف تطلب دمه، وغدا في المدينة وكأنه في جحر تحيطه الأفاعي من كل صوب، فماذا بعد كل هذه المحن؟

لم تمض سوى بضعة أعوام حتى دانت أرض العرب لرسالته وأقبلت الوفود تبايعه ودخل مكة فاتحا منتصرا
إنه الأمل، أمل يشق طريقه في قلوب أصحاب الرسالات وسط صعاب الحياة، ولو أن لليأس في قلوبهم سبيل لماتت رسالة الإسلام بموت رسول الله ، ألم ترتد العرب قاطبة، ألم يقف الصحابة في وجه المطامع والتحديات من كل صوب، وما هي إلا أشهر قلائل وخرجت جيوش الفتح تجوب أرجاء الأرض
أين أنت وسط هذه الهمم العالية، أيعجزك أن تحدد هدفا يستحق البذل من أجله، أم يعجزك أن ترسم الأمل في أقوالك وأفعالك
وقبل أن أطوي وريقاتي جانبا أسرد عليك قصة أختم بها كلماتي علها أن ترسم الأمل في حياتك، أمل ترسمه كلماتك وأفعالك، بل ترسمه تلك البسمة التي تنير وجهك الباسم، أو لعلها أن ترسخ بداخلك ما عجزت كلماتي عن إيصاله 

 
في عهد الدولة الأموية بالأندلس كان هناك رجل يدعى المنصور بن عامر، يعمل بكتابة الشكاوى امام بلاط ملك الدولة الاموية، وفي ليلة سامرة جلس وأصدقاء له  كل يلقي بأمنيته، فقال المنصور لأصحابه  : افترضوا أني أصبحت خليفة للبلاد ماذا تتمنون مني حينها؟؟
أجاب الأول مؤمّلا : تعطيني مائة ألف دينار، ومائة جارية وقصر جميل و...و....و.....و.....
وأجاب الثاني ساخرا: اجعلني على حمار، ووجهي إلى الخلف، وطف بي المدينة وأمر مناديك ينادي في الناس هذا دجال من يحادثه أودعته السجن.........

 
وانقضت الليلة وطوي كل منهم أمنيته بداخله....................
 

ومرت الأيام وغدا المنصور بن عامر رئيس الشرطة في الإمارة، ثم مات الخليفة، واعتلى العرش بعده ابنه (هشام المؤيد بالله) وكان طفلا صغيرا فعينوا عليه مجلس وصاية واختاروا واحدا من خارج البيت الأموي حتى لا يستأثر بالخلافة، فوقع الاختيار على رئيس الشرطة (الحاجب المنصور محمد بن أبي عامر) فاعلتى الأمر وغدا الآمر الناهي في البلاد بعدما اتخد جملة من القرارات التي جعلته الخليفة الفعلي للبلاد، فحكم فيهم بالعدل حتى غدا الناس في عهده في رغد من العيش، اتسعت الفتوحات واستقر له الأمر حتى غدا عهده درة مضيئة في تاريخ الدولة الأموية بالأندلس
وفي ليلة وبينما هو بين وزرائه تذكر صاحبيه ، فبعث من يطلبهما، ودار الزمان دورته وقدما صاحبيه كما هما، فذكرهما بما دار بينهما من حديث فسأل الأول عن أمنيته فذكرها فحققها له، وسأل الثاني عن أمنيته فتنصل منها مراوغا فذكره بها وأمر الحارس أن يطوف به على حمار ووجهه للوارء كما تمنى حينها
ثم قال الحاجب المنصور لوزرائه معللا: افعلوا بكل منهم ما تمنى حتى يعلموا أن الله على كل شيء قدير

فهلا حددت هدفك، واستعنت بالله على تحقيقه ......................
أسامة عبد العظيم 

وهذا كتاب مميز نرشحه لك

اضغط هنا لتحميل الكتاب
تعليقات فيس بوك
0 تعليقات جوجل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تواصل معنا !

للتواصل أو الإستفسار معنا يرجى مراسلتنا من خلال نموذج المراسلة أسفله !


مكتبة تجديد هي مكتبة مجانية وكل ما عليها هي كتب متاحة للنشر

صاحب الموقع شاب عربي يأمل في أن يقدم لك يد العون قدر استطاعته

انضم لصفحتنا

جميع الحقوق محفوضة لـ مكتبة تجديد للكتب
نسعد بتواصلك : ussamaelmasry@gmail.com