أين نحن من أفعال النبي صلى الله عليه وسلم والاقتداء به ؟




أفعال النبي صلى الله عليه وسلم  تنقسم إلى ثلاثة أحوال :

القسم الأول: الأفعال الجِبِلّية وهي التي تصدر عنه  بمحض الجبّلة لكونه بشرا، كالقيام والقعود والأكل والشرب، فهذا القسم مُباح، لأنه لا يقصد به التشريع، إلا ما جاء فيه نص خارج عن الفعل بإيجابه أو ندبه، كالأكل باليمين والنوم على الشق الأيمن، فهذا يُشرع التأسي والاقتداء به .

القسم الثاني: الأفعال التي أُختص بها دون أمته، وفيها أمور مباحات وواجبات ومحرمات، فمن المباح له: الزيادة على أربع نسوة في النكاح، ومن المحرم عليه: الأكل من الصدقة، وأكل ذي الرائحة الخبيثة، وغير ذلك من الأمور التي يضيق المقام لتفصيلها هنا، وهذا القسم يُحرم فيه التأسي به.

القسم الثالث: الأفعال التعبدية التي يقصد بها البيان والتشريع، وهي شرح تعاليم الإسلام، كأفعال الصلاة والحج، فحكم هذا القسم تابع لما بـيَّـنه، فإن كان المبيَّن واجباً كان الفعل المبيِّن له واجباً، كقوله  «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي »وقوله « خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ » وإن كان مندوباً فمندوب.
لذا قال  « إِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ »

وإننا حينما ندعي انتماءنا للإسلام لابد أن يكون لهذا الإدعاء بينة، لابد أن يكون له نتيجة ملمسوة في واقع الحياة ، فهذا الاقتداء هو طوق النجاة لهذه الأمة، كي تحمل راية القيادة من جديد، فهذه الأمة لديها من المقومات ما ينتشلها من ركودها، ويُعيد إليها مجدها وقيادتها؛ لتأخذ مكانها المنوط لها في ركب الحياة وقيادة العالم، فلا توجد أمة على وجه الأرض تحمل منهجا يشمل كل جوانب الحياة كمنهج الإسلام في تربية الأفراد وبناء المجتمعات، وها هو العصر الحديث قد أطّل علينا بعلومه الغزيرة، وأخرج لنا مئات النظريات التربوية في تربية الأشخاص وإعداد الرجال، والرؤى الإصلاحية في قيادة المجتمعات، والاكتشافات العلمية في شتى المجالات، إلا أنه لم يأت بنظرية واحدة لبناء الروح التي هي المُحرّك الأساسي للنفس البشرية والدافع للعمل والابتكار .

إن ما يشهده الوقت الراهن من تأخر ملحوظ للمسلمين في شتى المجالات، ليس لنقص في العقيدة التي يؤمنون بها، وإنما لخلل في تطبيق المنهج الذي جاء به الإسلام في واقع الحياة، وهذا الخلل أمر عارض مرت به كل الرسالات والحضارات والدول، بل والأفراد، إلا أنه إذا طال زمانه، بدت معايبه، وظهر خطره الحقيقي على الرسالة والأمة التي تدين بها.
فقد أظلنا هذا الزمان، وأحاطت بنا الفتن والمغريات، وقيدتنا المدنية الزائفة بوابل من الأفكار الهدامة، والقيم المنحطة بين علمانية، وشيوعية، ورأسمالية، وعولمة، فشغلتنا بالرد عليها عن قضيتنا الأساسية، حتى تقوقعنا على أنفسنا واقتصرنا على موقف المُدافع عما بقي من قيم في نفوسنا، وبمرور الزمن ترسخت هذه الأفكار في أناس من بني جلدتنا، حكاما، وعلماء، ومصلحين، وغدت دعوتنا في صراع داخلي بين أبنائها، فتخلت عن سمو رسالتها، وعالميتها، وحقق أعداؤها هدفهم الأسمى، بانشغال الأمة عن قضية الدين والدعوة إليه، وحمله إلى العالم أجمع، حتى بدت الصورة قاتمة، والوضع لا يبشر ببارقة أمل، إلا أن هذا الوضع بالنسبة لتاريخ الرسالة وعُمر الأمة، كسحابة صيف سُرعان ما تنجلي، وإن طال زمانها، فإن عودة الإسلام كعقيدة ومنهاج حياة أمر حتمي، وهو كائن لا محالة لأنه دين الفطرة، وهو الدين الذي تكفل الله بنصره وتأييده، فإن لم تكن عودته في هذا الزمان، فلابد أن تبشر بها وتُعِد لها مَن خلفك، وإن لم تكن كمسلم أداة تبني الدين، فلا تكن وسيلة لهدم بنيانه، ولا يصنع منك الواقع السيء شخصية إنهزامية، فما الإنتكاسات في تاريخ الأمم إلا فترة إنتقالية، وختاما نسوق هذه البشارة المحمدية؛ لتطمئن النفس وتسكن، وتعلم أن الإسلام قادم لقيادة البشرية من جديد، قال  « لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَلاَ يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلاَ وَبَرٍ إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الإِسْلاَمَ وَذُلاًّ يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ »


أسامة عبد العظيم 

وهذا كتاب مميز نرشحه لك

اضغط هنا لتحميل الكتاب
تعليقات فيس بوك
0 تعليقات جوجل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تواصل معنا !

للتواصل أو الإستفسار معنا يرجى مراسلتنا من خلال نموذج المراسلة أسفله !


مكتبة تجديد هي مكتبة مجانية وكل ما عليها هي كتب متاحة للنشر

صاحب الموقع شاب عربي يأمل في أن يقدم لك يد العون قدر استطاعته

انضم لصفحتنا

جميع الحقوق محفوضة لـ مكتبة تجديد للكتب
نسعد بتواصلك : ussamaelmasry@gmail.com